تعليم البرمجة للأطفال
البرمجة فن يجمع التميز فيه بين الرغبة في التعلم وبين الدربة. لقد انتشرت الحواسيب بكثرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية سواء كان ذلك في البيوت أم في المدارس ناهيك عن المعاهد والجامعات. لكن شتان بين من يكتفي بالاستهلاك وبين من يعتبر من الحاسوب أداة لتحقيق أهداف تفيد مجتمعه أو وطنه ولم لا البشرية قاطبة، وتختلف طريقة استعمال الحواسيب واستثمارها من مجتمع إلى آخر بغض النظر عن مدى قدراتها ومواصفتها إلا أنها لديها العديد من الخصائص المشتركة.
وفي هذا السياق تندرج البرمجة كأحد العلوم التي تمكننا بواسطة الحاسوب ومن خلال التمكن من لوحة المفاتيح الوسيط المباشر من إنجاز برامج سواء كانت تعليمية أو توعوية على سبيل الذكر لا الحصر. إلا أن البرمجة في بداياتها كانت حكرا على فئة معينة من العلماء والمهندسين المختصين في علوم الحاسب الآلي. كما أن اللغات الأولى للبرمجة التي تعرف بلغات البرمجة منخفضة المستوى تعد صعبة وليست في المتناول.
كان لظهور لغات البرمجة عالية المستوى دور كبير في بداية تعميم البرمجة وخاصة في الجامعات. من بين هذه اللغات نذكر لغة الجافا التي ظهرت سنة 1992 والتي هي قد أصبحت في الفترة الأخيرة تمكننا بتصميم مختلف التطبيقات سواء منها المكتبية أو الويب او للهواتف المحمولة، تعد لغات البرمجة عالية المستوى الشائعة في الجامعات العربية وحيث أنها تمكن من تصميم تطبيقات متطورة تساهم بتحقيق تطلبات تتنوع تطبيقاتها سواء في القطاع الصحي أو القطاع الهندسي.
ولما كانت الطفولة الفئة العمرية الأكثر استجابة وتقبلا للمعلومة ففي هذا السياق عمدت العديد من الشركات والجامعات مثل MIT معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من تصميم برامج تعنى بهذا الجانب من خلال تبسيط البرمجة والخوارزميات وجعلها في متناول الأطفال من أجل تمكينهم من إنجاز برامج سواء كانت المخرجات التي سينجزونها تطبيقات مكتبية أو تطبيقات للهاتف الذكي أو الحاسوب اللوحي، فمن بين البرمجيات المعروفة يوجد سكراتش وهي لغة برمجية الذي يمكننا من تصميم الألعاب والبرامج بطريقة مبسطة تشبه في شكلها للألغاز التي يقوم بتركيبها الأطفال للحصول على شكل متكامل.
يوجد كذلك برامج من أجل تطوير مواقع الويب المعتمدة على مبدأ WYSIWYG أي أنه يتم بالاعتماد على التصميم ومن خلال مبدأ ما تراه وما تنجزه بناء على ذلك هو ما تتحصل عليه، وانطلاقا من أهمية البرمجة عمدت العديد من الدول حول العالم إلى السعي نحو تعميم البرمجة حتى في المدارس الابتدائية للأطفال ولا غرابة في ذلك إذ أنها قد أضحت لغة القرن الواحد والعشرين. ونلاحظ انتشار البرامج الموجهة للبرمجة في العالم وبداية انتشار في العشرية الأخيرة في عالمنا العربي والإسلامي.
إن البرمجة تفجر طاقات أبنائنا واستثمارها في مكانها كما انها تنمي لديهم ملكة التفكير – كما الحال في لعبة الشطرنج – وتجعلهم من مجرد مستهلكين لا يقدمون إضافة غلى مبدعين ومخترعين يساهمون في إثراء زادهم المعرفي وشغل أوقاتهم بتصميم برامج نافعة ومواكبة التطور التكنولوجي ومجاراة نسق العلوم الحديثة المتغيرة. إذ أن كل سنة بل احيانا كل يوم صنوف جديدة من العلوم والتكنولوجيا، ولم لا تعليمهم التعويل على ذواتهم وتمكنهم من مهارات تساعدهم على كسب قوتهم من خلال البرمجة. حيث إن هناك العديد من الأطفال كما هو الحال لكبار المبرمجين من يتمكنون من الربح من تطبيقات الأندرويد.
وإذ أن البرمجة لا تتطلب العديد من الإمكانيات والتجهيزات الباهظة فهي متوفرة وممكنة في عالمنا العربي والإسلامي. ولا تتطلب سوى العزيمة والاهتمام والتشمير على ساعد الجد. ومن منطلق أهميتها وتأثيرها المباشر على واقع الفرد والمجتمع، نريد أن يكون لدينا جيش من المبرمجين والمبدعين الذين يساهمون في تنمية والنهوض بمجتمعنا العربي والإسلامي.
أحمد الشويجي